في خطوة نحو التميز الأكاديمي.. ورشة تكوينية حول أسرار التحضير لمذكرة التخرج لطلبة الماستر بجامعة باجي مختار عنابة
عائشة نورالدين شنتوح

المرصاد برس: بادرَت، اليوم الأربعاء، الدكتورة شريفة طبيب والدكتورة سعيدة عقبة، بدافع أكاديمي خالص وحرصًا على مرافقة الطلبة في مرحلة مفصلية من مسارهم الجامعي، إلى برمجة ورشة تكوينية بعنوان "أسرار التحضير لمذكرة تخرجك"، احتضنتها كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية جامعة باجي مختار –عنابة-، ووجّهت خصيصًا لطلبة الماستر.
جاءت هذه المبادرة استجابة لحاجة فعلية عبّر عنها الكثير من الطلبة، وحرصًا من المؤطرتين على دعمهم وتزويدهم بالأدوات العلمية والمنهجية التي تسهّل عليهم إنجاز مذكراتهم ومناقشتها بكفاءة، خاصة في ظل ما يواجهه الطلبة من ضغوط معرفية ونفسية خلال هذه المرحلة الحساسة.
الورشة التي انطلقت اليوم على الساعة 9:30 صباحًا، لم تكن مجرد لقاء تكويني عابر، بل تحوّلت إلى مساحة تفاعلية مفتوحة جمعت بين التأطير الأكاديمي الصارم والبعد الإرشادي العملي، حيث استقطبت حضورًا لافتًا من طلبة الإعلام والاتصال، بالإضافة إلى حضور طلبة علم النفس وعلم الاجتماع، ما يعكس الوعي المتزايد بأهمية هذه النوعية من الورشات في دعم المسار التكويني لطلبة الماستر.
في مداخلتها الأولى، قدّمت الدكتورة شريفة طبيب جملة من التوجيهات المنهجية الدقيقة، مركّزة على مرحلة تحليل البيانات، التي تعدّ من أبرز التحديات التي تواجه الطلبة أثناء إعداد مذكراتهم. تحدثت بإسهاب عن اختيار المنهج العلمي المناسب، وأهمية تحديد العينة وأدوات جمع البيانات، وأبرزت ضرورة اعتماد الأنظمة الإحصائية المناسبة لنوع الدراسة، سواء كانت وصفية أو تحليلية، وكيفية التفريغ المنظم للمعطيات ومقارنتها بالمحتوى النظري. كما شددت على أهمية الجانب الشكلي للمذكرة من حيث التنسيق، التوثيق، سلامة اللغة، ووحدة الأسلوب، مشيرة إلى أن جمالية العرض تكمّل القيمة العلمية، وتمنح العمل مصداقية أكبر في نظر لجنة المناقشة.
من جهتها، ركزت الدكتورة عقبة سعيدة على جانب لا يقل أهمية وهو مهارة الإلقاء أمام لجنة المناقشة، مبرزة أنه حتى العمل الجيد قد يفقد بريقه إن لم يُعرض بطريقة واثقة ومنظمة، مُبرزة مجموعة من النصائح العملية التي تساعد الطلبة على تجاوز رهبة العرض، والتحكم في الوقت، وتوزيع الأفكار بشكل متوازن بين الشرح والتوضيح، كما تطرقت إلى كيفية إعداد عرض تقديمي بصري فعّال باستخدام برامج مثل PowerPoint، بحيث يكون مدعومًا بالعناصر البصرية الجذابة دون أن يُفقد الطالب تركيزه أو يشتت انتباه اللجنة. وأكدت على أهمية التمرن المسبق على الإلقاء، وضبط نبرة الصوت، وتوظيف لغة الجسد بما يعزز الحضور الشخصي والثقة بالنفس.
تميّزت الورشة بتفاعل كبير من الطلبة، الذين لم يترددوا في طرح أسئلتهم وتقديم مداخلاتهم التي كشفت عن وعي عالٍ بطبيعة الصعوبات التي تواجههم، من اختيار الموضوع وصياغة الإشكالية إلى التوثيق والتقييم. ولم يخلُ النقاش من تبادل التجارب الشخصية، حيث تحدّث بعض الطلبة عن تعثراتهم ومحاولاتهم في تجاوز العراقيل، مما أضفى على الورشة طابعًا إنسانيًا مشتركًا بين الجميع. كما ساهم هذا التفاعل في كسر الحواجز التقليدية بين الأستاذ والطالب، وهو ما أضفى على اللقاء طابعًا حواريًا ثريًا، خرج منه الطلبة بدفعة معنوية قوية.
في حديثهم لـ"المرصاد برس"، عبّر العديد من الطلبة عن ارتياحهم الكبير لمحتوى الورشة، مشيدين بجوّها العلمي المريح، وبالاحترافية التي تعاملت بها الأستاذتان مع الأسئلة والانشغالات المطروحة. كما وجّهوا شكرًا خاصًا للمؤطرتين على التزامهما وجهودهما في إيصال المعلومات بأسلوب مبسط وواضح، وأعربوا عن رغبتهم في أن يتم تعميم مثل هذه، بل وجعلها مرافقة مستمرة لمراحل إنجاز المذكرة، وليس مجرد حدث معزول.
جسدت هذه الورشة التكوينية نموذجًا فعّالًا للتأطير الجامعي المتكامل، حيث لم تقتصر على تقديم معارف نظرية، بل استهدفت تعزيز مهارات الطلبة في إدارة مشروع التخرج من زوايا متعددة، علمية ونفسية وتواصلية. كما أثبتت أن نجاح الطالب في إعداد مذكرته لا يرتبط فقط بالكفاءة الفردية، بل يحتاج إلى محيط داعم ومرافقة منهجية دقيقة تعينه على تجاوز العقبات الأكاديمية والتنظيمية. وهي تجربة يُمكن البناء عليها مستقبلًا لتكرارها وتوسيع نطاقها، بما يخدم جودة التكوين الجامعي ويدعم الطلبة في محطاتهم الحاسمة نحو التخرج.