عندما يتحوّل المسرح إلى منصة للطفولة والإبداع: "لحية جدي" و"أما بعد" يحصدان التتويج في تونس
عائشة نورالدين شنتوح

اختتمت فعاليات الطبعة الثانية من مهرجان أوسكار المسعف الصغير للأفلام القصيرة الإسعافية التي جرت بالمسرح البلدي بالعاصمة التونسية، في أجواء احتفالية حماسية شهدت تتويج الفيلمين "لحية جدي" و"أما بعد" إلى جانب تأكيد أن الطفولة كانت الفائز الحقيقي في هذا الموعد الفني الإنساني.
فكرة المهرجان التي تُعد الأولى من نوعها عالمياً بدأت تجني ثمارها، حيث سجلت هذه الطبعة تطوراً ملحوظاً في نوعية الأفلام القصيرة المقدمة، وتنوعاً لافتاً في الرسائل التي عالجت مواضيع متعددة كالإسعاف البيئي والطبيعي، إنقاذ ذهنيات الأطفال من الأفكار السلبية، وتعزيز حب الوطن. كما طرحت أعمال الأطفال ومضات حول قضايا اجتماعية حساسة كالعنف الأسري والتنمر، ما أضفى على المهرجان بُعداً تربوياً وإنسانياً عميقاً.
شهدت لجنة التحكيم نقاشاً ثرياً، حيث أجمع أعضاؤها على أن الجائزة الكبرى كانت من نصيب كل طفل عاش تجربة التمثيل، الحضور، السير على السجادة الحمراء، والوقوف على ركح المسرح البلدي العريق. ترأس اللجنة الفنان القدير صلاح مصدق، وضمت شخصيات بارزة منها رئيس تحرير جريدة "أخبار الشرق" سليمان رفاس ممثلاً للجزائر، الأستاذة الجامعية أنديرا راضي من مصر، رائد الياسري من الهلال الأحمر عن العراق، المنتجة السينمائية إشراف السماوي من تونس، الأستاذ إبراهيم ريحاني ممثلاً لوزارة التربية بتونس، الشابة سارة وحادة، والطفل هارون عونلي كعضو شرفي بصوته الطفولي العفوي الذي أضفى على التحكيم روحاً جديدة.
كما زينت السجادة الحمراء ضيفة الشرف الفنانة القديرة سهام مصدق، فيما تولى تنشيط الحفل الأستاذة بسمة بن حاج وشكري عونلي. وأكدت السيدة هدى البدوي، رئيسة جمعية المسعف الصغير، أن نجاح هذه الطبعة دليل على أن الطفولة هي الفائزة الحقيقية، معربة عن تفاؤلها بما هو قادم من دورات مستقبلية أكثر تألقاً.
في فئة المدارس، توج فيلم "لحية جدي" لمدرسة "المرايا" بجائزة الأوسكار عن عمل جريء ناقش خطر التحرش بالأطفال مستخدماً رمزية نوع من الحلوى التي يحبها الأطفال، مؤكداً على ضرورة عدم السكوت عن هذه الجريمة. أما جائزة فئة رياض الأطفال فكانت من نصيب روضة "Cour de Recré" عن فيلم "أما بعد"، الذي عالج موضوع التنمر بأسلوب فني راقٍ.
مشاركة الجزائر سجلت حضوراً مميزاً من خلال روضة "Atlas School" من مدينة عنابة التي مثلت الجزائر بفيلم "فاشهدوا"، حيث نال جائزة "أحسن حبكة درامية". تناول الفيلم موضوع غرس حب الوطن في الأطفال من خلال مشاهد رمزية مؤثرة كتلوين الراية الوطنية وتأثر الطفل بتصرفات والده، وهو من إنتاج السيدة راضية فرفار وسيناريو هاجر حملاوي.
أما باقي جوائز رياض الأطفال فقد نال فيلم "حفنة تراب" لأكاديمية البستان جائزة "أحسن سيناريو"، وفيلم "أما بعد" لروضة "Cour de Recré" جائزة "أحسن أداء تمثيلي"، فيما توج فيلم "حلمة" لروضة "جنة العصافير" بجائزة "أحسن فكرة"، وفيلم "يا خضرا" لروضة "طيبة" بجائزة "أحسن رسالة"، وفيلم "تشخيص" لروضة "كوكوليكو" بجائزة "أحسن عمل في العمق الاجتماعي".
وفي فئة المدارس، توج فيلم "شجرة" لمدرسة "السعيدية باردو" بجائزة "أحسن سيناريو"، وفيلم "جذور" لمدرسة "براعم الزهراء" بجائزة "أحسن أداء تمثيلي"، في حين نال "لحية جدي" جائزة "أحسن حبكة درامية"، وفيلم "نفس بلادي" لمدرسة "السنافر" جائزة "أحسن فكرة"، فيما فاز فيلم "بارقة وطن" لمؤسسة "إقرأ وارتقي" بجائزة "أحسن رسالة".
تميز حفل الافتتاح بعرض قدمه أطفال مدرسة "السنافر"، حمل رسالة حب للوطن وزرع قيم الغيرة عليه في الجيل الجديد، وتفاعل معه الحضور بحرارة. أما العرض الختامي فكان بعنوان "القدس"، وقدمته روضة "Atlas School" من الجزائر كهدية لأطفال فلسطين وغزة، حيث أبدع الأطفال فوق ركح المسرح البلدي وسط تصفيقات حارة من الجمهور الذي وقف احتراماً وتكريماً للقضية الفلسطينية.

