جامعة باجي مختار عنابة تجدد العهد مع التاريخ في إحياء ذكرى يوم الهجرة
عائشة نورالدين شنتوح
المرصاد برس : أحيت جامعة باجي مختار – عنابة، صبيحة يوم الأربعاء، الذكرى الرابعة والستين ليوم الهجرة الموافق لـ17 أكتوبر 1961، تحت شعار "تلاحم والتزام"، في أجواء وطنية مفعمة بروح الاعتزاز والانتماء، حيث احتضنت كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بالقطب الجامعي البوني فعاليات هذه التظاهرة التي جمعت الأسرة الجامعية والمجاهدين وذوي الحقوق إلى جانب السلطات المحلية والأمنية والعسكرية وممثلي المجتمع المدني، في مشهد يجسد عمق الارتباط بالذاكرة الوطنية واستمرارية الرسالة التحريرية.
جاءت هذه الاحتفالية بالتنسيق بين جامعة باجي مختار ومديرية المجاهدين وذوي الحقوق وبلدية البوني، بإشراف المفتش العام للولاية ممثلاً للأمين العام المكلف بتسيير شؤون الولاية، وبحضور مدير الجامعة الأستاذ الدكتور مانع محمد وعدد من الأساتذة والطلبة.
استُهلت التظاهرة باستقبال رسمي للوفد الولائي من طرف مدير الجامعة، تلاه نشاط رمزي تمثّل في غرس شتلات بساحة الكلية، في مبادرة ترمز إلى الاستمرارية والعطاء وتجديد العهد مع الشهداء الأبرار الذين سطروا بدمائهم ملحمة الحرية والاستقلال.
عرفت أروقة الكلية تنظيم معرض توثيقي احتوى على صور نادرة ووثائق تاريخية تجسد مظاهرات 17 أكتوبر 1961، إلى جانب شهادات حية للمشاركين في تلك الأحداث التي هزّت الضمير الإنساني وكشفت للعالم بشاعة الاستعمار الفرنسي. وقد ألقت عميدة الكلية كلمة بالمناسبة، رحّبت فيها بالحضور نيابة عن مدير الجامعة، مبرزة أهمية هذه المحطات الوطنية في غرس روح الانتماء وترسيخ قيم الوفاء في نفوس الأجيال الصاعدة، مشيرة إلى أن الجامعة تبقى فاعلاً أساسياً في صون الذاكرة التاريخية ونقلها علمياً وتربوياً للأجيال.
أكد المفتش العام للولاية أن يوم الهجرة يمثل صفحة مشرقة في سجل الكفاح الوطني، مشدداً على ضرورة وعي الشباب بأبعاد هذا الحدث ودلالاته في بناء الشخصية الوطنية والحفاظ على التاريخ كرصيد استراتيجي للأمة في مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل.
تخللت الفعالية فقرة فنية قدمها براعم المدرسة الابتدائية "جمعة حسين القديمة" بالبوني، عبّروا خلالها بأناشيد وطنية عن حب الوطن واعتزازهم بتاريخه المجيد، في لحظة مؤثرة أعادت للأذهان صور الوحدة الوطنية والتلاحم بين الأجيال. وفي تمام الساعة الحادية عشرة، وقف الحاضرون دقيقة صمت ترحماً على أرواح الشهداء الأبرار، في مشهد امتزجت فيه مشاعر الفخر بالعرفان والوفاء.
اختُتمت الفعاليات بمحاضرة علمية ألقاها البروفيسور شرقي محمد بعنوان "يوم الهجرة في فرنسا: مواقف وتضحيات – مظاهرات 17 أكتوبر 1961"، تطرق فيها إلى السياق التاريخي والسياسي للحدث، مبرزاً شجاعة المهاجرين الجزائريين الذين واجهوا القمع الاستعماري بصدور عارية من أجل إيصال صوت الثورة إلى العالم. وختم البروفيسور مداخلته بكلمات مؤثرة لامست الوجدان الوطني، وصف فيها المهاجرين بأنهم “قطعوا من أكباد الوطن ضلوعاً ليزرعوا في المنافي بذور الحرية”، مؤكداً أن دماءهم كانت ضريبة الوفاء في سبيل الجزائر.
وفي ختام التظاهرة، تم تكريم عدد من المجاهدين وذوي الحقوق عرفاناً لتضحياتهم، منهم المجاهد زعيم مبارك، محي الدين محمد، وأرملتا الشهيدين مراح بلقاسم وسائح محمد، وسط تصفيقات الحضور وهتافاتهم: المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.

